كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ إذَا عَجَزَ الْوَقْفُ عَنْ تَوْفِيَةِ جَمِيعِ الْمُسْتَحَقِّينَ فَهَلْ يُقَدَّمُ مِنْهُ الشَّعَائِرُ وَالشَّيْخُ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ يُنْظَرُ فِي هَذَا الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَدَارِسِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَخَوَانِقِهَا رُوعِيَ فِي ذَلِكَ صِفَةُ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ فِي أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ مَنْ هُوَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ قُدِّمَ الْأَوَّلُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهُ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ وَالْأَفْقَرُ فَالْأَفْقَرُ فَإِنْ اسْتَوَوْا كُلُّهُمْ فِي الْحَاجَةِ قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ فَيُقَدَّمُ الْمُدَرِّسُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ الْمُقِيمُ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَيْسَ مَأْخَذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَال اُتُّبِعَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَقْدِيمَ أَحَدٍ لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدٌ بَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْوَقْفِ بِالسَّوِيَّةِ وَالشَّعَائِرِ وَغَيْرِهِمْ. اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِمَّا حَاصِلُهُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِوَقْفِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ بَسَطَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُوَافِقُهُ وَمَثَّلَ بِصَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ والقلاوونية لَكِنْ ذَكَرَ قَبْلُ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ صَدَرَ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ بَسَطَ نَقْلًا وَمَعْنًى مَا حَاصِلُهُ الِاعْتِدَادُ بِهِ وَلُزُومُهُ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّعَرُّضِ لَهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَقْدِيمَ أَحَدٍ أَيْ أَوْ جَهِلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ خِلَافٌ فَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَجْرِي هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّدِّ صَرِيحًا وَالرَّدِّ احْتِمَالًا.
(قَوْلُهُ: بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَ قَالَ وَقَفْتُ نِصْفَهَا عَلَى زَيْدٍ وَثُلُثَهَا عَلَى عَمْرٍو بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُهَا عَلَيْهِمَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ النِّصْفَ وَلِعَمْرِو الثُّلُثَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ.
(قَوْلُهُ: جُهِلَتْ إلَخْ) أَيْ لَوْ جُهِلَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَحَقِّيهِ) عُطِفَ عَلَى وَظَائِفِهِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى مَقَادِيرَ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْخَطُّ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُمْ عَادَةٌ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى جَهْلِ الْمَقَادِيرِ وَقَوْلُهُ الْآتِي فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَصْرِفُهُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى جَهْلِ الْمُسْتَحَقِّينَ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ.
(قَوْلُهُ: أَرْبَابَ الشَّعَائِرِ) كَالْمُدَرِّسِينَ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَالْأَئِمَّةِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ تَنَازَعُوا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَجُهِلَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَالْمَقَادِيرِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ سَوَّى الْوَاقِفُ بَيْنَهُمْ أَوْ فَاضَلَ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ وَلِأَحَدِهِمْ يَدٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهُ بِالْيَدِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا عُمِلَ بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ مَيِّتًا فَوَارِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنَاظِرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لَا الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ وُجِدَ الْوَارِثُ وَالنَّاظِرُ فَالنَّاظِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى قَبِيلَةِ كَالطَّائِيِّينَ أَجْزَأَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ فَإِنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرَ وَعُقَيْلٍ اشْتَرَطَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْغُرَبَاءُ وَفُقَرَاءُ أَهْلِ الْبَلَدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذْنَاهُ إلَخْ) جَوَابٌ وَإِنْ كَانَ إلَخْ وَفِي الْقَامُوسِ يُقَالُ آخَذَهُ بِذَنْبِهِ مُؤَاخَذَةً وَلَا تَقُلْ وَاخَذَهُ. اهـ.
وَقَالَ شَارِحُهُ وَاخَذَهُ بِالْوَاوِ لُغَةُ الْيَمَنِ وَقُرِئَ بِهَا فِي الْقُرْآنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا قَالَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) بَيَانٌ لِمَا وَالْإِشَارَةُ إلَى مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ.
(قَوْلُهُ: فِي اخْتِصَاصِهِ) أَيْ الْمُقَرَّرِ.
(قَوْلُهُ: بِالْوَقْفِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ.
(قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ.
(قَوْلُهُ: وَتَكْذِيبَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى رَدِّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ الْمُؤَاخَذَةِ.
(قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى لَا يَثْبُتُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَرُجُوعُهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى دَعْوَاهُ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ خِلَافٌ فَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَجْرِي هُنَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّدِّ صَرِيحًا وَالرَّدِّ احْتِمَالًا؟. اهـ. سم وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا عُيِّنَ لِكُلٍّ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى قِيَاسِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُمْ لِمَا زَادَ فِي الرِّيعِ وَاضِحًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: فَزَادَتْ) أَيْ الْغَلَّةُ (عَمَّا كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ.
(قَوْلُهُ: بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَ قَالَ وَقَفْت نِصْفَهَا عَلَى زَيْدٍ وَثُلُثَهَا عَلَى عَمْرٍو وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْتهَا عَلَيْهِمَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ النِّصْفُ وَلِعَمْرٍو الثُّلُثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي مَقَالَةِ الْمَاوَرْدِيِّ وَمَقَالَةِ الْبُلْقِينِيِّ.
تَنْبِيهٌ:
حَيْثُ أَجْمَلَ الْوَاقِفُ شَرْطَهُ اُتُّبِعَ فِيهِ الْعُرْفُ الْمُطَّرَدُ فِي زَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ ثُمَّ مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ فِي السِّقَايَاتِ الْمُسَبَّلَةِ عَلَى الطُّرُقِ غَيْرِ الشُّرْبِ وَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْهَا وَلَوْ لِلشُّرْبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ الْمُطَّرَدِ الْآنَ فِي شَيْءٍ فَيُعْمَلُ بِهِ أَيْ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ الْعَمَلُ بِهِ حَيْثُ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ قُرَّاءِ الْأَجْزَاءِ الْمُسَمَّيَيْنِ بِالصُّوفِيَّةِ هَلْ يَدْخُلُونَ فِي أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَهُمْ؟ فَأَجَبْت بِحَاصِلِ مَا تَقَرَّرَ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ عُرِفَ عُرْفٌ مُطَّرَدٌ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَقَدْ عَلِمَ بِهِ عَمِلْنَا بِهِ عَمَلَ النُّظَّارِ فَإِنْ اخْتَلَفَ فَالْأَكْثَرُ وَإِلَّا فَبِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّعَائِرِ هُنَا مَا فِي الْآيَةِ مِنْ عَلَامَاتِ الدِّينِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إلْغَاءُ شَرْطِهِ إذْ تَفْسِيرُهُمْ بِذَلِكَ يُدْخِلُ جَمِيعَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ لِشُمُولِ عَلَامَاتِ الدِّينِ لَهَا وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ شَرْطُهُ أَنَّ ثَمَّ وَظَائِفُ تُسَمَّى أَرْبَابُ شَعَائِرٍ وَوَظَائِفُ لَا تَسُمَّاهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُنَا مَنْ تَعُودُ أَعْمَالُهُمْ بِوَضْعِهَا عَلَى نَفْعِ الْوَقْفِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، وَمُجَرَّدُ قِرَاءَةٍ فِي جُزْءٍ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَحْوِ تَدْرِيسٍ وَطَلَبٍ وَنَاظِرٍ وَمُشِدٍّ وَجَابٍ وَأُوقِعَ لِبَعْضِهِمْ مُخَالَفَةٌ فِي بَعْضِ هَذَا وَالْوَجْهُ مَا قَرَّرْتُهُ.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ حُرْمَةَ نَحْوِ بُصَاقٍ وَغَسْلِ وَسَخٍ فِي مَاءِ مَطْهَرَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَثُرَ وَأَنَّ مَا وُقِفَ لِلْفِطْرِ بِهِ فِي رَمَضَانَ وَجُهِلَ مُرَادُ الْوَاقِفِ وَلَا عُرْفَ لَهُ يُصْرَفُ لِصَوَّامِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ أَغْنِيَاءُ وَأَرِقَّاءُ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ بِهِ مِنْهُ وَلِلنَّاظِرِ التَّفْضِيلُ وَالتَّخْصِيصُ انْتَهَى وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِيَازَةُ فَضْلِ الْإِفْطَارِ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَحَلٍّ قَالَ الْقَفَّالُ وَتَبِعُوهُ وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ مِنْ مُسْتَعِيرِ كِتَابِ وَقْفٍ يَأْخُذُهُ النَّاظِرُ مِنْهُ لِيَحْمِلَهُ عَلَى رَدِّهِ وَأُلْحِقُ بِهِ شَرْطُ ضَامِنٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا حَقِيقَتَهُمَا وَذَكَرُوا فِي الْجَعَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ نَعَمْ إنْ بَانَ بُطْلَانُ النُّزُولِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبْرَأَ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْوَظِيفَةِ وَلَمْ تَحْصُلْ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةً عَلَى خَمْسَةِ حَالَّةٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ انْتَهَى وَفِي قِيَاسِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ مُتَضَمِّنٌ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِبْرَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الْحُلُولِ فَإِذَا انْتَفَى الْحُلُولُ انْتَفَى الْإِبْرَاءُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَقَعْ شَرْطُ ذَلِكَ لَا صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مُبْتَدَأٌ مُسْتَقِلًّا وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: صِدْتُهُ فِي مُقَابَلَةِ صِحَّةِ النُّزُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ رَجَعَ فَتَصْرِيحُهُ بِهِ قَرِينَةٌ عَلَى التَّبَرُّعِ، وَالْكَلَامُ فِي إبْرَاءٍ بَعْدَ تَلَفِ الْمُعْطِي وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ مَاتَ ذُو وَظِيفَةٍ فَقَرَّرَ النَّاظِرُ آخَرَ فَبَانَ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا لِآخَرَ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَوْ قَرَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النُّزُولِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ إذْ لَابُدَّ مِنْ انْضِمَامِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ فَقُدِّمَ الْمُقَرَّرُ.
وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ النَّذْرِ لَهُ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِح حُجْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ فَقَطْ أَوْ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ أُعْطِيَ مُقِيمٌ بِهَا غَابَ عَنْهَا لِحَاجَةٍ غَيْبَةً لَا تَقْطَعُ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا عُرْفًا انْتَهَى وَالْأُولَى تَأْتِي فِي النَّذْرِ بِزِيَادَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِحِ حُجْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ فَقَطْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَذَا إذَا وَقَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَيَبْقَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ؟ وَفِي أُنْمُوذَجِ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ لِلسُّيُوطِيِّ مَا نَصُّهُ اُخْتُصَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْمَنْذُورَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَتْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ فَإِنَّهُ قَالَ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ صَدَقَةَ الْأَعْيَانِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ دُونَ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَمِيَاهِ الْآبَارِ. اهـ.
وَبَحَثَ م ر فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ دَعْوَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِي الْمَوْقُوفِ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ وَبِتَمَامِهِ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَانْتِفَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتِفَاعٌ بِمَمْلُوكٍ لِلَّهِ فَلَا ذُلَّ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ.
بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ السُّدُسِ.
(قَوْلُهُ: وَنُقِلَ الْمَاءُ) عُطِفَ عَلَى غَيْرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلشُّرْبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْلُ لَهُ.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ لِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ.
(قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ) وَهُمَا الْعُرْفُ الْمُطَّرَدُ وَالْأَقْرَبُ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ (قَوْله الْمُسَمَّيَيْنِ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ نَعْتٌ لِلْقُرَّاءِ وَقِيَاسُ عِلْمِ التَّصْرِيفِ إسْقَاطُ الْيَاءِ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلُ الْفُرُوعِ وَفِي بَابِ الْإِحْيَاءِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْمَعْدِنِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ عَرَفَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْحَاصِلِ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَكْثَرُ) الْأَنْسَبُ فِيهَا الْأَكْثَرُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ.
(قَوْلُهُ: شَرْطِهِ) أَيْ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ.
(قَوْلُهُ: لَا تُسَمَّاهُ) أَيْ اسْمُ أَرْبَابِ شَعَائِرِ.
(قَوْلُهُ: بِهِمْ) أَيْ بِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ.